ظاهرة الغموض في المعنى( دراسة لغوية)
الملخص
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين وبعد:
فإنَّ ظاهرة الغموض بما لها من صلة ببنية الكلام قد شدت نظر النحاة، وكانت عناية القدماء بالتطبيق في دراستهم لظاهرة الغموض أكثر من عنايتهم بالتنظير ولكن لعلاقة ظاهرة الغموض ببنية الكلام قد لفتت أنظار القدماء اختلفت باختلاف العلماء، ولكنَّها تتفق جميعاً على عدم وضوح المعنى وخفاؤه وكذلك اختلفت الأسباب التي أدت إليه بسبب من البنية الصوتية، أو التركيب النحوي، أو استخدام الصور البيانية.
وقد استخدموا في الدلالة على ذلك مصطلحات كثيرة أشاروا بها إلى غموض المعنى ودرجات هذا الغموض مثل: تعدد المعنى، وتعددت المصطلحات، ولكنّها كانت تتفق جميعا على خفاء المعنى، أو عدم وضوحه، أو تعدده سواء في المفردات، أو في التراكيب[1].
ويتناول هذا البحث ظاهرة الغموض في دراسة لغوية لغرض عرض دراسات القدماء عرضاً يتسم بالشمول؛ لأنَّ الكلام عن هذه الظاهرة متناثر في دراسات علماء اللغة والنحاة والتفسير والأصول والبلاغة.
وكما تعددت المصطلحات التي تدل على الغموض عندهم اختلفت الأسباب التي عزوا إليها غموض المعنى وإبهامه، فكانت بسبب من البيئة الصوتية للكلمة، أو بسبب من تعقد التركيب النحوي، أو بُعد الصور البلاغية، أو وضعها وضعاً لم يألفه عمود الشعر العربي.
ولذلك كان من الضروري الوقوف على جوانب ظاهرة الغموض عند القدماء، وجمع ما تناثر من ملاحظاتهم حول هذه الظاهرة، ووضعها في إطار منهجي واضح يبرز تصور القدماء لها وتتبعهم لأمثلتها، وتحليلهم لمظاهرها وأسبابها وعللها، وبخاصة من الناحية اللغوية.