الإشكاليات القانونية التي تثيرها جريمة المشاجرة
الملخص
المشاجرة جريمة جماعية تتحقق عندما يشترك فيها شخصان أو أكثر بغية تبادل الاعتداء ضد بعضهم بعضا بأن ينوي كل منهم الايقاع بالآخر([1]).
والمشاجرة بهذا المفهوم تكون من أخطر الأفعال التي تشكل خطراً على حياة الأفراد وسلامتهم؛ إذا أنها تؤدي إلى تهديد حق الأفراد في الحياة، وحقهم في سلامة ابدانهم، وتعد من جهة أخرى أكثر وقوعاً بين الأفراد بالقياس إلى بقية الجرائم الأخرى التي تشكل خطراً على حياة الأفراد وسلامتهم وعلى النظام والأمن؛ لأن الجماعة عادة أشد ميلاً إلى العنف من الأفراد الذين تتألف منهم لو أنهم مستقلون منعزلون، ويزداد خطر المشاجرة بانضمام أشخاص وأعداد آخرين إليها([2])؛ لذلك جنحت بعض التشريعات إلى تجريم فعل المشاركة في المشاجرة ومعاقبة من يثبت اشتراكه فيها ولو لم ينجم عنها أية إصابات ضارة؛ وقد جرم المشرع الليبي المشاجرة بموجب المادة 386 عقوبات التي تنص على أنه "كل من اشترك في مشاجرة يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهراً أو بغرامة لا تتجاوز عشرة دينارات وإذا قتل أحد الأشخاص نتيجة المشاجرة أو لحق به أذى جسيم أو خطير يعاقب على مجرد الاشتراك في المشاجرة بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مائة دينار وتطبق العقوبة ذاتها إذا لحق القتل أو الأذى الشخصي المشاجرة مباشرة وإذا كان ناتجاً عنها.
ويثير نص المادة 386 عقوبات اشكاليتين: الاشكالية الأولى تتعلق بمدى قيام حالة الدفاع الشرعي في المشاجرة، الاشكالية الثانية ما هو أساس المسؤولية الجنائية الجماعية (التضامنية) عن جريمة المشاجرة.
وتظهر أهمية الموضوع في خلال إيجاد الحلول للمشاكل القانونية التي يشيرها ويرتكز عليها موضوع البحث، ونأمل أن يكون هادياً ومرشداً للمشرع الليبي لاستكمال بعض الجوانب القانونية في سياسة المشرع الجنائي في التجريم والعقاب.