الاحتلال النورماني لمدينة طرابلس من الفترة (541–553 ه/1146–1158م)

الملخص

بعد أن نجح النورمان سنة 484 ه / 1091 م في الاستيلاء على جزيرة صقلية ، وإنهاء الوجود الإسلامي بها ، الذي استمر لأكثر من قرنين ونصف من الزمان ، وجدوا أن الفرصة سانحة للتوسع نحو سواحل إفريقية التي كانت بدورها تعاني من ضعف واضطراب في الأوضاع الداخلية ، فإمارة بني زيري تقلّصت مناطق نفوذها ، وأصبحت معظمها واقعة تحت سيطرة قبائل الأعراب من بني هلال وبني سليم ، كما أن الدولة الفاطمية التي تنافس الزيريين في السيطرة على إفريقية ، كانت هي الأخرى منشغلة بأمورها الداخلية وبمحاربة الصليبيين ببلاد الشام ؛ أما بلاد المغرب فكانت تعاني من التصارع ما بين المرابطين والموحدين الذين ظهروا كقوة جديدة منافسة لهم على مسرح الأحداث السياسية ببلاد المغرب الأقصى .

وفي ظل تلك الظروف قام النورمان بشن ثلاث حملات عسكرية على مدينة طرابلس ؛ الأولى كانت سنة 537 ه / 1142 م ، وانتهت بالفشل بفضل مساندة أعراب الدواخل لأهل المدينة في صد الهجوم ، والحملة الثانية سنة 539 ه / 1144 م كانت بقصد السلب والنهب ثم انسحبت ؛ وبعد أن حلّت مجاعة سنة 540 ه / 1145 م وما تعرّضت له المدينة من نزوح سكاني ، وحدوث اضطرابات داخلية بها ، ضد جند بني مطروح وإخراجهم من المدينة ، وجد النورمان الفرصة سانحة للسيطرة عليها بحملة ثالثة سنة 541 ه / 1146 م واستمرت السيطرة عليها حتى سنة 553 ه / 1158 م حتى تمكن أهلها بمساندة من أعراب بني هلال وبني سليم ، تحرير مدينتهم وإرجاع ابن مطروح واليا عليها .

يتناول البحث ظهور النورمان كقوة جديدة في البحر المتوسط، واستيلائهم على جزيرة صقلية، ودوافع غزوهم لساحل إفريقية ولاسيّما مدينة طرابلس، وكيف ساعدت الأوضاع الداخلية المضطربة في إنجاح المشروع النورماني والسيطرة على المدينة لفترة من الزمن، وكيف كانت مدينة طرابلس تحت حُكمهم، والنتائج التي ترتّبت عليه؟ .