الهوية الثقافية والنظام القيمي وخطاب الحياة اليومية قراءة سوسيولوجية في مخاطر العولمة الثقافية
الملخص
ظاهـرة العولمة اليوم هي ظاهرة محيرة وجذابة ، فضلاً عن أنها عملية اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية تتـــــسارع وتتعاظــــــم بتبدلاتها وتطوراتها في كل وقت وحين ، وبكثافة غــــــــــــــير معهودة ، ناهيك عن أنّ تداعياتها طالت الفكـر والـــــروح والقيــــــــم والعقل بعــــــد أن تبدلت بفعلها الأشياء والظـروف والأحوال والوقائع.
وعلى الرغم من أن شعــــار العولمة كنظام ثقافي عالمي جديـــد يلتمـــــس توحيد العالم في صـــورة كــــــرة أرضية واحدة ملك للناس اجمعين، تتفــــــاعل فيها المجتمعات المعزولة والمستقلة في تفاعل دائـــــــم ومتبادل لا يمكن تقدير مستــــواه وابعــــاده ومـــــداه ، وفي بحيرة حضارية واحـــــدة في معمورة واحدة . وعلى الرغم أيضاً من الدعوة إلى حركة كونية واحدة بدون حدود ،وبغير أسوار كل ما فيها يعني كل من فيها غير أن العولمة كواقع ظلت ولا زالت مشروعاً ممنهجاً ومتعمداً للهيمنة والسيطرة وغــــزو ثقافات الشعوب ، وتنميط الفكر، والعـــــــــدوان على الخصوصيات الحضارية والثقافية للمجتمعات الأضعف فضلاً عن ، نشــــر وفرض ثقافة عالمية جديــدة تتجاوز الثقافات المحلية والوطنية، والهويات مع اخــتراق وتذويب الخصوصيات الثقافيــــة الوطنية ناهيك عن، أن العولمــــة وبصورة خاصة ركنــــــها الثقافي تمثل شكلاً من أشكال الامبريالية الثقافية التي تنشـــــــد الهيمنة في صورة العدوان الرمزي والاغتصاب الثقافي لثقافات العالم .
والعولمـــة هي ظاهـــــــــرة كونيـــــــــة صـار فيها العالــــــم واحــــداً ومنفلتـــــــاً من عقـــــــاله على المســــــــتويــــات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية بعد أن اختفت الحدود ، وغابت الأسوار بين الثقافات المختلفة، وانزاحت الحواجــــز بين البلـــدان والاقتصاديات والأفكار والسلع والخدمات .
ويقصــد بالعولمــة الثقافية النظام الثقافي الكوني الجديد الذي ينشد تقليص الكون إلى هوية واحدة متجانسة حضارياً وثقافياً واجتماعياً بواسطة تذويب الحدود والحواجز الثقافية والفكرية بين الأمم .