الروابط الأسرية وأثرها في جرائم الحدود
الملخص
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد ...
فإنّ الشريعة الإسلامية جاءت بنظام متكامل لحماية الأسرة , وحرصت على إزكاء روح التصالح والتسامح في المجال الجنائي ليس بين أفراد الأسرة فحسب بل بين أفراد المجتمع بأسره ؛ حيث عرفت نظام التوبة والعفو والتسوية الودية مما أضفى على المجال الجنائي طابعاً إنسانياً تفتقده كثيراً التشريعات الوضعية , وتنادي به السياسية الجنائية الحديثة .
فقد عملت الشريعة الإسلامية على تقوية أوصال القربى وإشاعة المودة والرحمة بين أفراد الأسرة فضلاً عن إرساء قواعد السلام الاجتماعي بين أفراد المجتمع, وإزالة الآثار المادية والنفسية الناجمة عن اقتراف الجريمة.
إذ يقول تعالى ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (([1]) .
فكيف نظمت الشريعة الغراء نظام التسوية الودية ؟ وما هو نطاق تطبيق هذا النظام ؟ وهل يشمل جميع الجرائم أم جرائم محددة ؟ وما مدى تأثير الروابط الأسرية في تطبيق النظام الجنائي الإسلامي ؟
كما تقوم أحكام الشريعة الإسلامية على مبدأ المساواة بين الأفراد أمام الأحكام والتكاليف , فلا فرق بين غني وفقير , أو بين رئيس ومرؤوس , فإذا ما قامت الجريمة وتوافرت جميع شرائطها وجب معاقبة مقترفها , متى كان من المخاطبين بأحكام التكليف ؛ إذ تقتصر الأهلية الجنائية على الإنسان العاقل البالغ وحده , فلا مسئولية على المجنون أو صغير السن , بيد أن هذا لا يمنع من تأثير الروابط الأسرية على بعض الحدود وجرائم القصاص والدية .